تقدّم ذا ميديا لاين تقريرًا عن الجدل الدائر حول مستقبل وكالة الأونروا، بعد أن صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على تمديد ولايتها لثلاث سنوات إضافية وسط تغيّر المواقف الدولية وتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة.
ترحيب عربي سريع بعد تجديد الولاية
امتد تفويض الأونروا لثلاث سنوات جديدة بعد تصويت واسع داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، ضمن حزمة قرارات داعمة للقضية الفلسطينية. يوقف الموقف الأميركي تمويل الوكالة، بينما يحظرها الاحتلال الإسرائيلي بعد كشف ارتباطات بعض الموظفين بجهات مسلّحة العام الماضي.
يتحرك القادة العرب سريعًا للاستجابة لقرار التجديد. تعلن جامعة الدول العربية أنّ الأونروا ما تزال شريان حياة لملايين اللاجئين الفلسطينيين، خصوصًا في ظلّ الظروف غير الإنسانية في غزة. ويحثّ أحمد أبو الغيط المانحين على سدّ فجوة التمويل الكبيرة، ويحذّر من محاولات إسرائيل تقويض مكانة الوكالة وتشويه دورها.
تضيف مصر موقفًا داعمًا، معتبرة أنّ نتيجة التصويت تعزّز مسؤولية المجتمع الدولي تجاه قضية اللاجئين حتى الوصول إلى تسوية سياسية مستقرة. تدعو القاهرة إلى تمويل طويل الأجل يحافظ على قدرة الوكالة على العمل وسط حالة طوارئ إنسانية غير مسبوقة.
واشنطن تعدّل خطابها ورؤيتها لدور الأونروا
يتحوّل خطاب واشنطن تجاه الأونروا في الأشهر الأخيرة باتجاه أقلّ حدّة. يشير تقرير في "إسرائيل اليوم" إلى أنّ الإدارة الأميركية أعادت صياغة خطتها ذات النقاط العشرين بشأن إدارة غزة بعد الحرب، فتتراجع من موقف يستبعد الوكالة بالكامل إلى موقف يسمح لها بتقديم المساعدات بشروط رقابية واضحة، أبرزها ضمان عدم حدوث أي صلة بجهات مسلّحة.
يتغيّر محتوى مشروع القرار الأميركي؛ إذ حُذِفَت الصياغة السابقة التي نصّت على أنّ أي جهة يثبت سوء استخدامها للمساعدات تُصبح غير مؤهلة لمواصلة نشاطها. يقدّم المشروع الجديد صياغة عمومية تؤكد أنّ المساعدات يجب أن تُصرف حصريًا لأغراض مدنية، بعيدًا عن أي استخدام عسكري. يختفي كذلك البند الذي يتيح تعطيل نشاط منظمة في حال تورّط بعض موظفيها في دعم جهات مسلّحة، وهو النص الذي استُخدم لاستهداف الأونروا.
إسرائيل تُبقي الحظر وتعيد التذكير بالاتهامات
يحافظ الاحتلال الإسرائيلي على حظر الأونروا، بعد اتهامات بضلوع عدد من موظفيها في هجوم السابع من أكتوبر. يؤكد تحقيق أممي لاحق فصل تسعة موظفين إثر اتهامات بدورهم في تلك الأحداث. يربط الجانب الإسرائيلي موقفه بحادث آخر، إذ أعلن عن مقتل قائد في "حماس" في غزة كان يعمل في الوكالة، وهو ما اعترفت به إدارة الأونروا سابقًا.
تستمر إسرائيل في الدفع باتجاه بدائل للوكالة داخل غزة، معتمدة على هذه الاتهامات لتبرير موقفها الرافض لأي دور للأونروا في إدارة المرحلة المقبلة.
بين قرارات الأمم المتحدة وواقع غزة المتغيّر
يمضي قرار التمديد الأممي رغم الخلافات السياسية الواسعة، ويعكس إدراكًا دوليًا لأهمية الوكالة في إدارة ملفات الإغاثة والتعليم والرعاية الصحية لملايين الفلسطينيين. غير أنّ مستقبل الوكالة يبقى مفتوحًا على سيناريوهات معقّدة، خصوصًا في ظلّ المقاربات الأميركية المتحوّلة، والإصرار الإسرائيلي على منعها من العمل داخل غزة، والضغط المستمر لإعادة تعريف مهامها أو استبدالها بهياكل جديدة.
تجري المناقشات الدولية على وقع أزمة إنسانية متصاعدة في القطاع، حيث تتكدّس الخيام فوق أنقاض المدارس، وتشكّل الملاجئ المؤقتة ملاذًا هشًا لآلاف الأسر. ينظر الفلسطينيون إلى تجديد الولاية كخطوة ضرورية، لكنّهم يواجهون واقعًا يشهد ضغطًا سياسيًا غير مسبوق على المنظمة التي لطالما شكّلت مظلة حماية لهم.
ينعكس كل ذلك على مشهد سياسي مضطرب، تتداخل فيه حسابات الحرب، والدور المتوقع للسلطة الفلسطينية، والحوار حول اليوم التالي في غزة. تتباين الرؤى الدولية حول كيفية إدارة مرحلة إعادة الإعمار، لكنّ تمديد ولاية الأونروا يمنح، ولو مؤقتًا، مساحة لاستمرار دعم اللاجئين في وقت تتراجع فيه قدرة المؤسسات الإنسانية الأخرى على العمل داخل القطاع.
يبقى مستقبل الأونروا مرهونًا بقدرة المجتمع الدولي على توفير التمويل، وبمدى استعداد الأطراف الكبرى لتجنب تسييس العمل الإنساني. وفي ظلّ غياب رؤية واضحة لإدارة غزة بعد الحرب، يتواصل الجدل حول الدور الذي تستطيع الوكالة أن تلعبه، وسط ضبابية سياسية وأزمة إنسانية تتسع يومًا بعد يوم.
https://themedialine.org/headlines/arab-league-egypt-praise-unrwa-renewal-as-future-in-gaza-remains-uncertain/

